يصعب الإجابة بدقة عن عدد القتلى الذين سقطوا في غزة منذ 7 أكتوبر 2023، لكن في ظل استمرار مقالات في وسائل إعلام كـ"نيويورك تايمز" تقلل من حجم المأساة، يصبح السؤال أكثر إلحاحًا. تشير الكاتبة أروى المهداوي إلى أن كاتب الرأي المؤيد لإسرائيل، بريت ستيفنز، تساءل: "لماذا لا يكون عدد القتلى أعلى؟" لكن الحقيقة أنه على الأرجح كذلك.

مع استمرار الحرب، تقدر وزارة الصحة في غزة، حسب ما ذكرته الكاتبة، أن نحو 60 ألف شخص قد قُتلوا، بينهم 18 ألف طفل. لكن من الصعب التأكد من العدد الحقيقي، لا بسبب التحيزات السياسية فحسب، بل لأن آلاف الجثث ما تزال مدفونة تحت الأنقاض. كما أن انقطاع الاتصالات ونقص الوقود والموارد الطبية يعوق جمع البيانات بدقة.

في هذا السياق، تتساءل أروى المهداوي: لماذا يبدو أن هناك كثيرين يرفضون التصديق أن عدد القتلى في غزة قد يكون أعلى مما يُعلن رسميًا؟ وتضيف أن بعض وسائل الإعلام تساهم في هذا الإنكار الجماعي. مثلًا، أشارت صحيفة نيويورك تايمز في تحليل لها إلى أن عدد الضحايا "أقل مما توقّعه الخبراء"، معتمدة على بيانات جزئية ومصادر محدودة النطاق. كما أعادت نشر مزاعم مسؤولين إسرائيليين من دون تحقيق كافٍ أو تدقيق مستقل.

تشير الكاتبة إلى أن بعض التحليلات الغربية تتناول أعداد الضحايا من منظور غير إنساني، وتحاول تجريد الفلسطينيين من أوجاعهم عبر التركيز على الأرقام بدلاً من معاناة البشر. فبدلًا من طرح السؤال: "كيف حدث هذا؟" أو "كيف نمنع حدوث المزيد؟"، يصبح السؤال: "هل عدد القتلى دقيق؟"، وكأن الشك في الأرقام يخفف من وقع الكارثة.

تنتقد المهداوي أيضًا الطريقة التي تتعامل بها بعض وسائل الإعلام مع مصادر المعلومات، مشيرة إلى أنه حين تعلن وزارة الصحة في غزة عن عدد الضحايا، يُنظر إليها بتشكيك ويُوصف ذلك بأنها "تخضع لحكم حماس"، بينما تُؤخذ التصريحات الإسرائيلية على أنها موثوقة، على الرغم من أن إسرائيل نفسها متورطة مباشرة في الحرب.

تضيف الكاتبة أن التشكيك المتكرر في أعداد الضحايا الفلسطينيين يعكس نوعًا من "العنصرية المعمّمة"، وكأن أرواح الفلسطينيين تُعدّ أقل قيمة. في المقابل، حين يتعلق الأمر بضحايا من جنسيات أخرى، لا يُطرح السؤال عن "دقة الأرقام" بنفس الحدة.

وتختتم أروى المهداوي مقالها بالتأكيد أن السؤال الحقيقي ليس: "هل عدد القتلى دقيق؟" بل: "لماذا نواصل السماح بحدوث هذا؟" مشيرة إلى أن إصرار بعض الجهات على التشكيك في المعاناة الفلسطينية يساهم في إطالة أمد المأساة وتبرير استمرار القتل والتجويع. تؤكد أن الاعتراف بالحقيقة هو أول خطوة في سبيل إيقاف العنف، ومعاملة الضحايا كأرواح لا كأرقام محل نزاع.

https://www.theguardian.com/commentisfree/2025/aug/08/gaza-death-toll-higher